أنف جديد... يرى الروائح بالألوان!

أنف جديد... يرى الروائح بالألوان!


الشم من أبسط وسائل تمييز الأشياء دون رؤيتها، فكل ما حولنا من أشياء له رائحته المميزة التي يمكن التعرف عليه عن طريقها، لكن حاسة الشم الآدمية لا تستطيع تمييز كل هذا الكم من الروائح؛ فمعظم الفقاريات ذات حاسة شم أقوى من الإنسان، وهي تستخدمها في البحث عن طعامها والتعرف على أعدائها ووليفها؛ لذلك كان على الإنسان الاستعانة ببعض هذه الحيوانات في بعض الأحيان؛ لرصد الروائح التي يعجز عن رصدها، ويعتقد العلماء أن هناك فقط سبع روائح أساسية يتركب منها كل الروائح الأخرى، لكنهم لم ينجحوا بعد في تحديدها، ومع التقدم العلمي حاول العلماء ابتكار بعض الأجهزة التي تقوم برصد الروائح المختلفة بدقة وفاعلية، ومن أحدث ما ابتكره العلماء من تلك الأجهزة ما نشره موقع جريدة الطبيعة journal of Nature في العدد الصادر في 17 أغسطس عن تمكن مجموعة من الكيميائيين بجامعة إلينوي University of Illinois من ابتكار أنف صناعية أو جهاز جديد لرصد الروائح يتميز بالبساطة والسرعة وقلة التكلفة، فهو يقوم بتحديد الروائح المختلفة بدقة، لكن بشكل جديد فهو يحددها في صورة ألوان مرئية.

وقد أطلق المبتكرون على الأنف الجديد اسم "smell-seeing " أو الشم المرئي، وتعتمد تلك التقنية على فكرة التغير اللوني الذي يحدث في مجموعة من الصبغات عند تعرضها لبخار المواد الكيميائية المختلفة أي للروائح، وتعرف تلك الصبغات باسم Metalloporphyrins – وهي صبغات قريبة الصلة بالهيموجلوبين الذي يعطي الدم اللون الأحمر والكلوروفيل الذي يعطي النبات اللون الأخضر-وهي عملية مماثلة لاستخدام ورق عباد الشمس لكشف حمضية محلول معين حيث إن تحول لون الورقة الزرقاء إلى اللون الأحمر يعني حمضية المحلول – لكنها أكثر عمومية فباستخدام أنواع عديدة من تلك الصبغات التي يتغير لونها عند التفاعل مع المواد الكيميائية المختلفة يمكن الكشف عن معظم الخصائص الكيميائية؛ حيث يمثل هذا التغير اللوني بصمة لونية منفردة لبخار كل مادة كيميائية.

وفي الجهاز الجديد قام الباحثون بتجميع هذه الصبغات في منظومة يمكن استخدامها بسهولة للكشف عن وجود أي مادة كيميائية؛ وذلك بطلاء قطرات من تلك الصبغات المختلفة على شريحة من مادة خاملة كيميائيا _مثل الزجاج أو البلاستيك أو الورق _ ويتم تسجيل ألوان صبغات هذه الشريحة قبل وبعد تمرير الجهاز على الشيء المراد فحصه عن طريق إما كاميرا إلكترونية رخيصة أو جهازscanner وبالتفرقة بين صورة الشريحة قبل وبعد التعرض للرائحة المتصاعدة من الشيء المراد فحصه يمكن تحديد مواطن التغير في ألوان الصبغات، وبمقارنة تلك التغيرات مع نموذج بصمات الألوان للمواد الكيميائية المختلفة يمكن للجهاز وبسرعة التعرف على المركب الكيميائي الموجود ومقداره، وتتميز تلك التقنية بأنها لا تتأثر بعوامل الرطوبة في الجو؛ فهي غير حساسة لبخار الماء مما يميز الجهاز الجديد عن غيره من الأجهزة المستخدمة حاليًا لنفس الغرض، كما تعتبر هذه الأنف الجديدة أكثر حساسية من 10 إلى 100 مرة عن أنف الإنسان في استشعار العديد من المركبات؛ لذلك فهناك العديد من التطبيقات للاستفادة من تلك التقنية الحديثة، فيمكن استخدامها في مصانع الأطعمة والمشروبات للكشف عن تواجد النكهات والإضافات المختلفة بالمقادير الصحيحة في تلك المنتجات أو تحديد التالف منها، وفي مصانع الروائح لكشف المنتجات المزيفة وفي أماكن تفتيش الأفراد وأمتعتهم للكشف عن وجود النباتات المحظورة أو المخدرات وذلك بمجرد تمرير الجهاز على الأمتعة.
[/img]

اين الردود

شكرا لك اخي واصل تميزك